في خطوة استراتيجية تعكس التزامها العميق بالاستدامة البيئية والابتكار التكنولوجي، أعلنت شركة AIDA Cruises عن تطوير جيل جديد من السفن السياحية التي ستعمل بأنظمة دفع متعددة الوقود، مما يفتح آفاقًا جديدة في صناعة الرحلات البحرية ويعزز من جهود الشركة لتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050.
هذا الإعلان جاء على لسان الرئيس التنفيذي للشركة، فيليكس آيشهورن، في مقابلة حديثة مع صحيفة Hamburger Abendblatt الألمانية، حيث كشف عن تفاصيل المشروع الجديد الذي يُعد من أكثر المشاريع طموحًا في تاريخ الشركة.
سفن تعمل بوقود متعدد: تحول جذري في الصناعة
السفن الجديدة التي تم طلبها في أبريل 2025، سيتم بناؤها في أحواض بناء السفن Fincantieri الإيطالية، ومن المقرر تسليمها في عامي 2030 و2032. وتبلغ حمولة كل سفينة حوالي 150,000 طن، مما يجعلها من بين أكبر السفن في أسطول AIDA.
الميزة الأبرز في هذه السفن هي أنها مزودة بمحركات متعددة الوقود، مما يعني أنها ستبدأ العمل باستخدام الغاز الطبيعي المسال (LNG)، ولكنها ستكون جاهزة للعمل مستقبلًا باستخدام أنواع وقود بديلة مثل:
- الغاز الحيوي المسال (Bio-LNG)
- الغاز الإلكتروني المسال (e-LNG)
- الميثانول الإلكتروني (e-Methanol)
التحديات التنظيمية وتعدد السيناريوهات
أشار آيشهورن إلى أن هذا التوجه يأتي استجابة لعدم وضوح اللوائح الحكومية والدولية المتعلقة بوقود السفن في المستقبل، مؤكدًا:
"من المستحيل حاليًا التنبؤ بنوع الوقود الذي سيسود في أي منطقة، أو مدى توفره بأسعار معقولة وبكميات كافية."
لذلك، فإن تصميم السفن الجديدة يأخذ في الحسبان جميع السيناريوهات المحتملة، مما يمنح الشركة مرونة تشغيلية عالية وقدرة على التكيف مع متغيرات السوق.
استثمارات في الطاقة البديلة والتقنيات النظيفة
لم تقتصر جهود AIDA على تطوير السفن الجديدة، بل شملت أيضًا استثمارات كبيرة في الطاقة البديلة على متن سفنها الحالية.
أبرز المبادرات:
- تركيب بطارية بسعة 10 ميغاواط/ساعة على متن السفينة AIDAprima، وهي الأقوى في صناعة الملاحة البحرية حتى الآن، وتتيح إبحارًا خاليًا من الانبعاثات في مناطق حساسة مثل المضايق النرويجية.
- اختبار خلية وقود تعمل بالميثانول على متن السفينة AIDAnova، بهدف اكتساب خبرة عملية في التعامل مع هذا النوع من الوقود والحصول على الموافقات التنظيمية اللازمة.
برنامج AIDA Evolution: تحسين الكفاءة في الأسطول الحالي
ضمن رؤيتها الشاملة، أطلقت الشركة برنامجًا لتحديث سفنها الحالية تحت اسم AIDA Evolution، يهدف إلى تحسين كفاءة استهلاك الطاقة وتقليل الانبعاثات.
نتائج ملموسة:
- السفن الجديدة تستهلك طاقة أقل بنسبة الثلثين لكل راكب مقارنة بالسفن التي دخلت الخدمة قبل 20 عامًا.
- رحلة بحرية لمدة أسبوع على متن AIDAnova من هامبورغ إلى النرويج تنتج نفس كمية ثاني أكسيد الكربون لكل راكب مثل رحلة طيران باتجاه واحد من هامبورغ إلى بالما دي مايوركا أو لشبونة.
مميزات السفن الجديدة متعددة الوقود
تمثل هذه السفن نقلة نوعية في عالم الرحلات البحرية، وتوفر مجموعة من المزايا البيئية والتشغيلية التي تجعلها نموذجًا يُحتذى به في الصناعة.
أبرز المميزات:
- مرونة تشغيلية عالية بفضل القدرة على التبديل بين أنواع وقود متعددة
- جاهزية مستقبلية للتوافق مع المعايير البيئية القادمة
- تقليل الانبعاثات الكربونية بشكل كبير
- كفاءة في استهلاك الطاقة لكل راكب
- إمكانية الإبحار في مناطق بيئية حساسة دون التأثير على الطبيعة
- دعم أهداف الحياد الكربوني بحلول عام 2050
عن شركة AIDA Cruises
تُعد AIDA Cruises واحدة من أبرز شركات الرحلات البحرية في أوروبا، وتتبع لمجموعة Carnival Corporation، أكبر مشغل رحلات بحرية في العالم.
نبذة عن الشركة:
- المقر الرئيسي: روستوك، ألمانيا
- الأسطول: أكثر من 10 سفن سياحية
- الوجهات: أوروبا، الكاريبي، آسيا، النرويج، البحر المتوسط
- الهوية: تجمع بين الراحة الألمانية والابتكار البيئي
- الرؤية: تقديم رحلات بحرية مستدامة وصديقة للبيئة دون المساس بجودة التجربة السياحية
AIDA تُعرف بتقديمها تجارب بحرية مميزة تجمع بين الترفيه، الثقافة، والطبيعة، مع التزام واضح بالمسؤولية البيئية والاجتماعية.
نحو مستقبل بحري أكثر استدامة
تؤكد AIDA من خلال هذه المبادرات أنها لا تنتظر التغيير، بل تصنعه. فهي تستثمر في المستقبل، وتضع معايير جديدة في صناعة الكروز، وتُظهر أن الاستدامة ليست خيارًا، بل ضرورة.
وفي ظل التحديات البيئية المتزايدة، فإن تبني تقنيات الوقود المتعدد والطاقة النظيفة يمثل خطوة حاسمة نحو مستقبل أكثر خضرة، ويعزز من مكانة AIDA كشركة رائدة في الابتكار البيئي في قطاع السياحة البحرية.
مع الإعلان عن سفنها الجديدة متعددة الوقود، تضع AIDA Cruises نفسها في طليعة التحول الأخضر في صناعة الكروز. إنها لا تقدم فقط تجربة سياحية فاخرة، بل تدمج هذه التجربة مع رؤية بيئية متقدمة ومسؤولية عالمية.
في عالم يبحث عن حلول ذكية ومستدامة، تبرز AIDA كمثال يُحتذى به في كيفية الجمع بين الراحة، الابتكار، والاستدامة. وإذا كان المستقبل ينتمي لمن يجرؤ على التغيير، فإن AIDA قد بدأت بالفعل في رسم هذا المستقبل من الآن.